قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
فتاوى الزكاة
110493 مشاهدة
صرف الزكاة لطباعة الكتب والأشرطة الإسلامية

السؤال:- فحيث إن نشر الكتاب الإسلامي والشريط مهم في الدعوة إلى الله في هذا الزمان، في تصحيح العقيدة وتوضيح العبادات الشرعية والحث على الآداب الإسلامية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهل يجوز صرف الزكاة في نشر وطباعة الكتاب والشريط الإسلامي ؟ وقد سبق أن ناقش مجلس المجمع الفقهي هذه المسألة وقد صدر عنه القرار التالي:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي بدروته الثامنة والمنعقدة بمكة المكرمة فيما بين 27-4-1405هـ، 8-5-1405هـ - وبعد دراسة ما يدل عليه معنى وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ في الآية الكريمة، ومناقشة وتداول الرأي فيه ظهر أن للعلماء في المسألة قولين:
أحدهما: قصر معنى: وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ في الآية الكريمة على الغزاة في سبيل الله، وهذا رأي جمهور العلماء، وأصحاب هذا القول يريدون قصر نصيب: وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ من الزكاة على المجاهدين في الغزاة في سبيل الله تعالى.
القول الثاني: أن سبيل الله شامل عام لكل أطراف الخير، والمرافق العامة للمسلمين، من بناء المساجد وصيانتها، وبناء المدارس والربط وفتح الطرق، مما ينفع الدين وينفع المسلمين ، وهذا قول قلة من المتقدمين، وقد ارتضاه واختاره كثير من المتأخرين، وبعد تداول الرأي ومناقشة أدلة الفريقين قرر المجلس بالأكثرية ما يلي:
1 - نظرا إلى أن القول الثاني قد قال به طائفة من علماء المسلمين، وأن له حظا من النظر في بعض الآيات الكريمة مثل قوله تعالى: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى ومن الأحاديث الشريفة مثل ما جاء في أبي داود أن رجلا جعل ناقة في سبيل الله، فأرادت امرأته الحج، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: اركبيها فإن الحج في سبيل الله .
2 - ونظرا إلى أن القصد من الجهاد بالسلاح هو إعلاء كلمة الله تعالى، ونشر دينه بإعداد الدعاة، ودعمهم ومساعدتهم على أداء مهمتهم فيكون كلا الأمرين جهادا. لما روى الإمام أحمد والنسائي وصححه الحاكم عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم .
3 - ونظرا إلى أن الإسلام محارب بالغزو الفكري والعقدي من الملاحدة واليهود والنصارى وسائر أعداء الدين، وأن لهؤلاء من يدعمهم الدعم المادي والمعنوي، فإنه يتعين على المسلمين أن يقابلوهم بمثل السلاح الذي يغزون به الإسلام وبما هو أنكى منه.
4 - ونظرا إلى أن الحروب في البلاد الإسلامية أصبح لها وزارات خاصة بها، ولها بنود مالية في ميزانية كل دولة بخلاف الجهاد بالدعوة، فإنه لا يوجد له في ميزانيات غالب الدول مساعدة ولا عون.
لذلك كله فإن المجلس قرر -بالأكثرية المطلقة- دخول الدعوة إلى الله تعالى وما يعين عليها، ويدعم أعمالها في معنى: وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ في الآية الكريمة هذا وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم أجمعين.
أما الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ فقال: (هاهنا أمر هام يصح أن يصرف فيه من الزكاة، هو إعداد قوة مالية للدعوة إلى الله، ولكشف الشبه عن الدين وهذا يدخل في الجهاد، وهذا من أعظم سبيل الله).
نرجو من فضيلتكم التفصيل في هذه المسألة المهمة؟ الجواب:-
فإني أقول إن ما ذكره هؤلاء العلماء المشهورون قول صحيح ورأي سديد، وفيه توسعة على المسلمين، وتأييد للدعاة والمرشدين، وسبب قوي لنشر الدين وقمع المشركين.
ولا شك أنه سبيل الله تعالى الطريق الموصل إليه، وجمعه سبل، كما قال تعالى: يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ أي يهدي إلى السبيل التي تؤدي من سلكها إلى السلام، فكل عمل صالح يقرب إليه تعالى ويوصل إلى رضاه وجنته فهو من سبيل الله؛ لأن الله تعالى يحب أن يتقرب به إليه، ويترتب عليه ثوابه وكرامته، فالله تعالى ذكر في آية الصدقات أشخاصا يستحقونها لحاجاتهم الخاصة بهم، كالفقير والغارم والمؤلف وابن السبيل ونحوهم، ممن يأخذها لمصلحته وحاجته الحاضرة، ثم أجمل جهات الأخرى بقوله: وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وقد جعل الله الهجرة من سبيله بقوله تعالى: وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ولا شك أن مصلحة الدعوة إلى دين الله، وبيان محاسن الدين، والرد على المفسدين والملحدين ، وتفنيد شبهات الكفار والمنافقين ونحو ذلك، هو من نصر الله ونشر دينه الذي ارتضاه وأحبه وفرضه على البشر، فإذا تعطل هذا الباب ولم يوجد من ينفق عليه، ويدفع به إلى الأمام، ويتبرع للدعاة والمصلحين بما يكفل استمرارهم، وجب أن يصرف فيه من الزكوات المفروضة، لاقتضاء المصلحة، فالنفقة فيه قد تكون أهم من دفعها لبعض المذكورين، كالمكاتب والمؤلف وابن السبيل، فإن هؤلاء قد يتحملون الصبر، ولا يكون فيهم من الضرورة كضرورة الرد على المفسدين وقمع المنافقين، ونشر العلم وطبع المصاحف وكتب الدين، وتسجيل أشرطة إسلامية، تتضمن بيان حقيقة الإسلام وأهدافه، ومناقشة الشبهات التي تروج على ضعفاء البصائر، فمتى توقف الإنفاق على هذه المصالح من التبرعات جاز الصرف على جميعها، وما أشبهها من الزكاة، التي شرعت لمصالح الإسلام وما يسد خلتهم، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.